قرارات اللجنة التأديبية في ميزان الدستور
القاهرة: «خلجيون 24 مباشر»
يعتبر الفصل بين السلطات أحد المبادئ الأساسية التي يقوم عليها النظام القانوني في مملكة البحرين، حيث يهدف إلى توزيع السلطات بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية. ويعزز هذا الفصل ضمان العدالة وحماية الحقوق العامة، وذلك وفقا لنص المادة 32 من دستور مملكة البحرين التي نصت صراحة على: مبدأ الفصل بين السلطات.
ولكن تبرز مشكلة تتعلق بمدى سلطة لجنة التأديب في قانون المحاماة وتأثير قراراتها على حقوق العاملين في مهنة المحاماة كأفراد في المجتمع. وتظهر هذه المشكلة من خلال تعارض النصوص الدستورية مع المادة 44 والمادة 45 من قانون المحاماة. وقد نص المشرع في المادة 44 على أن يكون تشكيل اللجنة تأديبياً من اختصاص السلطة المختصة، ونصت المادة 45 على أن الدعوى التأديبية يجب أن ترفع من السلطة المختصة نفسها. مما يجعل هذه المواد مشوبة بعدم الدستورية لأنها تتعارض مع نص المادة 32 من الدستور البحريني التي تعترف صراحة بمبدأ الفصل بين السلطات الثلاث: التنفيذية والتشريعية والقضائية، كما ذكرنا.
كما نود أن نشير إلى أهمية تفسير القرار التأديبي الصادر عن لجنة تأديب المحامين سواء كان حكماً قضائياً أو قراراً إدارياً. إذا اعتبرنا أن القرار التأديبي الصادر هو قرار إداري، يحق للمحامي الطعن في هذا القرار أمام المحكمة الإدارية، وهو التفسير المعتبر الذي يجب مراعاته. ; ولذلك يحق للمحامي استئناف هذا القرار. ومن ناحية أخرى، فإن هذا القرار التأديبي لا يمكن اعتباره حكماً، لأنه صادر عن قضاة المجلس التأديبي. وينص قانون المحاماة على أن لجنة ذات اختصاص قضائي هي التي تصدر القرار التأديبي وليس الحكم القضائي.
وإذا أخذنا في الاعتبار أن قانون المحاماة نص على أن القرارات التأديبية تكون نهائية إذا صدرت من مجلس التأديب الاستئنافي، ولا يجوز الطعن فيها أمام محكمة التمييز، فإن ذلك يخالف مبدأ المساواة الذي أقره الدستور البحريني في المادة 18 والتي تتعلق بالمساواة بين الأفراد. عن الحقوق والواجبات.
ومن الجدير بالذكر أنه من خلال التجارب العملية نجد أن بعض المحامين يتعرضون لعقوبات تأديبية قاسية، بينما يتلقى البعض الآخر عقوبات تأديبية خفيفة، على الرغم من تشابه الظروف، مما يثير تساؤلات حول مدى عدالة تطبيق العقوبات التأديبية.
تعتبر عملية تشكيل اللجنة التأديبية وإصدار القرارات النهائية بشأن العقوبات من النقاط الحساسة التي تتطلب مراجعة دقيقة، حيث أن الجهة التي تشكل اللجنة هي نفسها التي تباشر الدعوى التأديبية، مما يظهر بوضوح حجم الصراع لمصلحة، إذ لا يجوز أن يكون الإنسان خصماً ومحكماً في النزاع. في نفس الوقت.
وفي ضوء ما تم عرضه لا بد من إحالة هذه الإشكاليات إلى المحكمة الدستورية للبت فيها، وهنا يظهر دور المحكمة الدستورية الحاسم في حماية الحقوق وضمان التزام السلطات الإدارية بالنصوص الدستورية. حيث يمكن للمحكمة أن تساهم في توضيح مدى توافق القرارات التأديبية مع المبادئ الدستورية. تحديد الحدود القانونية لصلاحيات لجنة التأديب.
الحلول المقترحة
ولضمان العدالة وحماية الحقوق، لا بد من اتخاذ عدة خطوات:
1- إعادة النظر في تشكيل اللجنة التأديبية. ويجب تشكيلها بما يضمن استقلاليتها، بحيث لا يتدخل صاحب الشأن بصفته الجهة التي تعين اللجنة التأديبية، وهي التي تباشر الدعوى التأديبية.
2- تطبيق مبدأ المساواة، والذي يتطلب وضع معايير واضحة وموضوعية لتطبيق العقوبات التأديبية، بما يضمن عدم وجود تفاوت في العقوبات التأديبية الصادرة بحق المحامين.
3- مراجعة نص المادتين 44 و45 من قانون المحاماة ومدى توافقهما مع المادة 32 من الدستور البحريني المتعلقة بمبدأ الفصل بين السلطات.
وفي الختام، فإن هناك حاجة ملحة لمراجعة الإطار القانوني الذي يحكم تشكيل واختصاصات لجنة تأديب المحامين في البحرين، للتأكد من توافقه مع المبادئ الدستورية، وخاصة مبدأ الفصل بين السلطات وحماية حقوق المحامين. فرادى. إن استقلالية اللجنة وضمان حق الاستئناف على قراراتها وفق مبادئ العدل والمساواة لا يعزز الثقة في النظام القانوني فحسب، بل يضمن سلامة القرارات الصادرة عنه. ولذلك فإن إحالة هذه القضايا إلى المحكمة الدستورية يعد خطوة حاسمة نحو ترسيخ مبادئ العدالة وضمان التزام السلطات القانونية بتنفيذ الدستور بما يعكس حماية حقوق الجميع دون تمييز.
- للمزيد من الاخبار تابع خليجيون 24 ، ولأخبار الرياضة خليجيون 24 مباشر، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر