سجن صيدنايا بعد سقوط بشار الأسد.. بحث عن أثر لمفقودين في «المسلخ البشري»
القاهرة: «خلجيون 24 مباشر»
نداء استغاثة في ريف دمشق لمن يعرف ممرات الوصول إلى “النسيان”
“المسلخ البشري” كان الوجهة الأهم للسوريين بعد أنباء سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد، آملين العثور على أثر لأشخاص لم يسمع عنهم فترة تتراوح بين أشهر وعدة عقود ، من الآباء أو الأمهات، الأبناء أو البنات، الأزواج أو الزوجات، وحتى الأطفال أيضًا.
كان العنوان سجن صيدنايا الشهير في ريف دمشق، حيث لا تزال المحاولات مستمرة من قبل السكان المحليين للوصول إلى المعتقلين في الأقبية تحت الأرض، حيث يستحيل معرفة المداخل والممرات في ظل هروب مسؤولي السجن والحراس الذين يعرفون كيفية ذلك. للوصول إلى هذه الأماكن التي تجسد المعنى الحرفي للعبارة. “النسيان.”
تابعوا آخر أخبار سوريا بعد دخول فصائل المعارضة المسلحة إلى العاصمة دمشق وسقوط نظام الأسد، وسط ترقب لترتيبات انتقال السلطة وشكل الحكومة في المرحلة المقبلة.
وفي وقت سابق، خلال الساعات الأولى من فجر الأحد، تزامنا مع انهيار النظام في العاصمة، سيطر مقاتلون تابعون لفصائل المعارضة، على سجن صيدنايا المعروف بـ”المسلخ البشري”، والذي يضم آلاف المعتقلين السياسيين بينهم نساء. والأطفال، وكبار السن، وسرعان ما انتشرت المقاطع. فيديو كسر أقفال المهاجع والزنازين وتحرير من بداخلها. ومع ذلك، لم يكن من الممكن الوصول إلى المعتقلين الآخرين المحتجزين في أماكن سرية تحت الأرض داخل حرم السجن.
السجون السرية في صيدنايا
وتم تداول مشاهد لبعض الأشخاص وهم يحاولون البحث عن أي منفذ يمكنهم من الدخول إلى سجون سرية لتحرير من بداخلها، مطلقين مناشدات لجلب متخصصين أو خبراء يمكنهم حل لغز هذه الأماكن المرعبة، على حد وصفهم.
وخرج مئات المعتقلين من الأدوار العليا في سجن صيدنايا بمساعدة عناصر الفصائل والأهالي، فيما لا يزال المئات، بحسب التقديرات، في الطوابق السفلية، حيث يعيش المعتقلون ظروفاً غير إنسانية.
وأكد المكتب الإعلامي لمحافظة ريف دمشق أن “الوضع في سجن صيدنايا مأساوي”، مشيراً في بيان له إلى أن “هناك أعداداً كبيرة في السراديب لم يتمكن أحد من الوصول إليها حتى اللحظة، رغم الجهود الحثيثة”.
وأصدر البيان نداء جاء فيه: “من لديه معلومات عن كيفية الوصول إليها فليذهب إلى السجن أو يبلغنا عنها”.
وتوجه العديد من العائلات من مختلف المناطق السورية إلى صيدنايا لمعرفة مصير أبنائهم المعتقلين في السجون، والذين أمضى بعضهم عقوداً في “المسلخ البشري” الذي كان من أفظع المظاهر في ظل حكم نظام الأسد، بحسب الأب. وابنه.
فيديوهات
وأظهرت مقاطع مصورة أطفالاً صغاراً معتقلين في سجن صيدنايا الذي أرهب السوريين منذ عقود تحت القبضة الأمنية لنظام الأسد.
وأظهر مقطع فيديو المسلحين يطلقون النار على قفل بوابة سجن صيدنايا لدى وصولهم إليه، ويطلقون المزيد من الرصاص.
لفتح الأبواب المغلقة المؤدية إلى الزنازين. وتدفق الرجال على الممرات والفناء وهم يهتفون ويساعدونهم على فتح المزيد من الزنازين، بحسب رويترز.
وفي مقطع فيديو نشرته وكالة خطوة الإخبارية، ألقى رجل ذو شعر رمادي نفسه في أحضان اثنين من أقاربه في عناق ممزوج بالدهشة والفرحة.
بدأ الرجال الثلاثة في البكاء من الفرح، قبل أن يجثو أحدهم على ركبتيه، وهو لا يزال يمسك بساقي الأسير المحرر.
تاريخ سجن صيدنايا
وبالتزامن مع انهيار قوات النظام السابق، كان إعلان الفصائل السورية بالسيطرة على سجن صيدنايا مؤشرا على سقوط حكم حزب البعث الذي استمر في سوريا 54 عاما.
وتأسس السجن الذي يقع على بعد 30 كيلومتراً شمال العاصمة دمشق، عام 1987 في عهد الرئيس السابق حافظ الأسد، واعتبر على مدى عقود رمزاً لقمع النظام لمعارضيه، مما دفع البعض إلى وصفه. باعتبارها “مسلخاً بشرياً”، بحسب تقرير لمنظمة العفو الدولية عام 2017.
وقبل سبع سنوات، وثّق تقرير لمنظمة العفو الدولية إعدام 13 ألف معتقل سياسي في سجن صيدنايا بين عامي 2011 و2015، متهماً نظام الأسد باتباع “سياسة الإبادة”.
وقال التقرير، الذي استند إلى شهادات 84 شخصا، بينهم حراس وسجناء سابقون وقضاة، إنه كل أسبوع يتم أخذ ما لا يقل عن 50 شخصا من الزنازين، وضربهم، ثم شنقهم في سرية تامة.
جرائم الحرب
ونقل التقرير عن أحد السجناء قوله: “تم تعليقهم على المشنقة لمدة تتراوح بين 10 إلى 15 دقيقة”. ووصفت منظمة العدل الدولية هذه الممارسات بأنها “جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية”.
حققت المعارضة السورية هدفها بعد نحو 14 عاماً، مع الانهيار المفاجئ لحكم بشار الأسد، وفي أعقاب حرب أهلية حصدت مئات الآلاف من الأرواح وشردت ما يقرب من نصف السكان.
وتقدر رابطة المعتقلين والمفقودين في سجن صيدنايا أن أكثر من 30 ألف معتقل إما أعدموا أو ماتوا نتيجة التعذيب أو نقص الرعاية الطبية أو الجوع بين عامي 2011 و2018 في سجن صيدنايا.
كما قالت الرابطة، في تقرير أعدته بالشراكة مع وكالة فرانس برس ونشر عام 2022، إنه “يعتقد أن نظام الأسد أعدم ما لا يقل عن 500 معتقل إضافي بين عامي 2018 و2021”، بحسب شهادات الناجين التي وثقتها المنظمة. الجمعية.
وكشف التقرير عن تفاصيل مروعة تجري داخل أسوار السجن الذي يحيط به الغموض، ومنعت سلطات النظام السابق كافة المنظمات الحقوقية من دخوله.
وأوضح التقرير أن مساحة السجن تقدر بـ 1.4 كيلومتر مربع، ويتكون من مبنيين، مبنى قديم يسمى “السجن الأحمر”، ومبنى جديد يسمى “السجن الأبيض”. وتحميهم ثلاثة مستويات من الحراسة، وتختلف السلطات المسؤولة عن كل مستوى. سواء الجيش أو الشرطة العسكرية أو المخابرات العسكرية.
ولم يكن لوزارة العدل السورية أي سلطة على سجن صيدنايا، إذ كان يخضع بالكامل لوزارة الدفاع، ولا يسمح لأحد بالدخول إليه أو زيارة أي معتقل إلا بإذن من الشرطة العسكرية وموافقة المخابرات العسكرية. تقسيم، بحسب التحقيق الذي أجرته جمعية حقوق الإنسان.
وأشار التحقيق إلى أن المعتقلين في سجن صيدنايا تم تصنيفهم إلى فئتين. الأول “أفراد الأمن”، ويعني الاعتقال على خلفية الرأي أو النشاط السياسي، أو بتهم تتعلق بالانتماء إلى “تنظيمات إرهابية”، وتعرضوا للتعذيب الممنهج والحرمان من الغذاء والرعاية الصحية.
أما الفئة الثانية، فهم العسكريون المحتجزون لارتكابهم «جرائم مثل القتل والسرقة والهروب من الخدمة العسكرية» وغيرها. وبحسب التحقيق فإنهم يتعرضون للتعذيب ولكن بشكل غير منهجي، ويتمتعون في كثير من الأحيان بالزيارات الدورية والرعاية الطبية.
وتحدث التقرير عن غرف الإعدام الجماعي داخل السجن، حيث تتم عمليات الشنق يومين في الأسبوع، فيما يتم نقل الجثث ودفنها في مقابر جماعية.
أما جثث المعتقلين الذين توفوا نتيجة التعذيب أو نقص الرعاية الطبية، فيتم جمعها في السجن ودفنها في غرفة مملوءة بالملح ليتم حفظها لمدة لا تتجاوز 48 ساعة. ويتم نقلهم بعد ذلك إلى مستشفى تشرين العسكري، حيث يتم إصدار شهادة وفاة لكل جثة، حتى يتم نقلها إلى فرع السجن في “الشرطة العسكرية”، ومن ثم يتم دفن الجثث في مناطق مختلفة في ساعات الصباح الأولى.
- للمزيد من الاخبار تابع خليجيون 24 ، ولأخبار الرياضة خليجيون 24 مباشر، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر