أخبار الرياضة

تعلم في 30 ثانية | صحيفة الوطن

تعلم في 30 ثانية | صحيفة الوطن

القاهرة: «خلجيون 24 مباشر»

ما رأيك في تعلم اللغة بدون معلم في 30 ثانية، وما رأيك في تعلم البرمجة في 30 ثانية أيضاً، وعلى هذا الأساس ما رأيك في أن تكون إنساناً موسوعياً في 30 دقيقة؟ تجد هذه العبارات في منشورات على تيك توك وإنستغرام وغيرها من منصات التواصل الاجتماعي، مقاطع يدعي أصحابها أنهم يقدمون محتوى هادفا، ويعدون الجمهور بتحويلهم إلى عباقرة وفلاسفة ومتخصصين في ثوان معدودة، معتبرا أنك شخص مشغول ولا تتاح له فرصة التعلم، فظهر من يزودك بالعلم في لحظات.

ويعرف هذا النوع من النشر بالتعليم الجزئي، وهو أسلوب لتلقي المعلومات يشبه تناول الوجبات السريعة من أكلات الشوارع، ويعتمد بشكل أساسي على شيئين، الأول هو البهارات والثاني هو سخونة الطعام. وفي غياب أي منهما تتضح لك حقيقة الطعام، وحتى بعد أن تتناوله فهو لا يقدم لك أي قيمة. قد تصاب بتسمم ومشاكل في الهضم، وهذا ما يحدث مع التعليم المصغر الذي يقدمه رواد منصات التواصل الاجتماعي. بعد أن تحصل على المعلومة الثانية والثلاثين وينتهي “الدرس العظيم”، تشعر بالضياع ولا تعرف أين أنت، وربما تشعر بأنك غريب الأطوار قليلاً. النقص حيث أنه بعد انتهاء الثلاثين ثانية يجب الوفاء بالوعد وإتقان الموضوع. فلماذا لم يحدث هذا؟ مما يعني أن المشكلة فيك، لأن المتحدث الذي قدم المعلومة شخص غير عادي، يتحدث بسرعة عالية، ويختصر سنوات خبرته في ثواني، ويختتم مقطعه بابتسامة ويقول (إذا أعجبك الفيديو) ، لا تنسى الاشتراك وتفعيل جرس الإشعارات)، لكنه في نفس الوقت تركك في حيرة من أمرك بدلا من عالم. 30 ثانية، لأنك بالفعل تلقيت إعلانًا أكثر من مجرد معلومة. على سبيل المثال، تحصل على درس يخبرك بكيفية إنشاء قائد مثالي في 30 ثانية. يقول لك أن الخطوة الأولى هي الثقة. كن واثقاً، والخطوة الثانية هي الحزم. كن حازما. ثم يجلس على كرسي في مكتب فخم ويعطي نظرة واثقة حازمة. ثم يقول: شكراً على المشاهدة، لكن ماذا عن الخطط وتحمل المسؤولية وكل ما يتعلق بالقيادة؟!

أما النصائح الاجتماعية، فخذ من الدروس التي تجعلك تعتقد أنك تواجه خلفاء ابن خلدون، عناوين مثل “كيف تترك انطباعا مميزا في 10 ثواني” و”الشخص الذي يسبب القلق بابتسامة مريبة”. ” وغيرها من العناوين المشرقة التي تدعو إلى المتابعة.

ولنكن واقعيين، ففكرة التعليم المصغر فكرة جميلة وممتازة إذا تم تقديمها من قبل متخصصين في التعليم بالشكل الصحيح. أما ما نراه اليوم فهو يشبه حالة شخص جائع تناول جزءا صغيرا من قطعة بيتزا مثلثة. فلم يشبعه، ولم يروي ظمأه، ولم يتركه على حاله قبل أن يأكل. لأنها جعلت معدته تتحرك وتبدأ عملية الهضم وتجعله يشعر بجوع أكبر من جوعته الأولى، ومن يبحث عن التربية الحقيقية عليه أن يدرك أن التربية تحتاج إلى وقت أطول. ومن أجل الفهم، يجب أن يكون التعلم المصغر متسلسلاً حتى يحصل المتلقي على المعرفة في النهاية.

* عميد كلية القانون – الجامعة الخليجية

 

 
 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى